شهدنا جميعًا الهجوم العنيف و الغير المسبوق الذي شنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، في خطوة لم يكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليحلم بها. فها هي القوة العظمى في العالم تمارس الضغوط على أوكرانيا، التي تناضل من أجل بقائها ضد الغزو الروسي، ما يعزز قانون “حكم الأقوى” الذي يهدد الاستقرار العالمي.

إن عواقب مثل هذه السياسة العنيفة تمتد إلى أبعد من أوكرانيا، إذ قد تشجع القوى الكبرى على شن المزيد من الحروب الإمبريالية وغزو الدول الأصغر حجمًا. ومن هنا، فإن تدخل الشعوب و المجتمعات التواقة للسلم و السلام بات ضروريًا.

في هذا السياق، عقد اليوم الخميس قادة الاتحاد الأوروبي قمة في بروكسل لمناقشة دعم أوكرانيا في ظل تصاعد التوترات الدولية، خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته وقف المساعدات لكييف. وأكد القادة الأوروبيون على أهمية المرحلة الحالية، مشددين على رفضهم لأي “سلام مفروض” على أوكرانيا.

يأتي هذا الاجتماع على وقع جهود دبلوماسية لإيجاد حل لإنهاء الحرب، في وقت ازدادت فيه التوترات بعد المشادة العلنية والعنيفة بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأسبوع الماضي في البيت الأبيض.

من جانبه، أعرب الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، عن تفاؤله الحذر بإمكانية تجاوز الخلافات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، مشيرًا إلى وجود نقاشات جارية حول كيفية تجاوز العقبات وتعزيز الدعم لكييف. وأكد على ثقته في إمكانية إحراز تقدم إيجابي في هذا الملف.

أوروبا أمام مسؤولية تاريخية حيث جاءت كارثة البيت الأبيض الأخيرة لتدفع زعماء أوروبا إلى تكثيف جهودهم لدعم أوكرانيا، والآن، عليهم اتخاذ الخطوة التالية باستخدام الأموال الروسية المجمدة. المخاوف من انتقام موسكو تلوح في الأفق، لكن تصاعد التهديد الروسي يجعل التحرك الفوري ضرورة ملحّة. فقد اجتمع كبار قادة أوروبا في بروكسل لاتخاذ قرارات مصيرية حول هذا الملف.

المسألة تتجاوز مستقبل أوكرانيا، إذ يدرك بوتين جيدًا أن تحقيق طموحاته التوسعية يتطلب هزيمة الغرب وتقويض قيم الديمقراطية وسيادة القانون. لذا، فإن دعم أوكرانيا اليوم هو دفاع عن أوروبا بأكملها.

الوقت ينفد… وموقف الشعوب قد يكون الحاسم قد تكون هذه الفرصة الأخيرة لإنقاذ أوكرانيا، فبدون دعم أوروبي واضح وحاسم، ستتراجع قدرتها على مواجهة العدوان الروسي، مما سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الأمن الأوروبي والعالمي. إن الضغط الشعبي يمكن أن يكون عاملاً حاسمًا في دفع القادة الأوروبيين لاتخاذ إجراءات أكثر جرأة ضد بوتين.

إن المسؤولية التاريخية تقع على عاتق الجميع، والتحرك الآن يمكن أن يشكل فارقًا في رسم ملامح المستقبل. هل ستتحرك أوروبا لاتخاذ موقف حاسم، أم ستترك بوتين يواصل سياساته العدوانية، خصوصا بعدما تسربت اخبار اجتماع السعودية بداية الأسبوع القادم، الذي سيجمع بين مسولين أمريكيين ومن أوكرانيا لتقريب الرؤى، و تحسين العلاقة خصوصا بعد إيقاف الدعم العسكري الأمريكي لكايف.

بقلم: محمد القوضاضي