المستقبل ليس مجرد ما سيحدث في الغد – تلك مجرد آليات الحاضر. بالنسبة للبشرية، المستقبل هو تجربة مختلفة تمامًا. فعلى مدى ألفي عام مضت، طورنا آليات الحاضر – أي التكنولوجيا وظروف وجودنا – دون تطور موازٍ لما يعنيه أن نكون بشرًا.

— بقلم: ديفيد أندرسون

لقد ولدت الفلسفة اليونانية القديمة، التي امتدت من القرن السابع قبل الميلاد إلى بداية الإمبراطورية الرومانية في القرن الأول الميلادي، خمسة تقاليد عظيمة: الأفلاطونية، والأرسطية، والرواقية، والأبيقورية، والشكوكية. ولكن هل نحن أكثر إنسانية من شعب اليونان قبل 3000 سنة مضت؟ لقد كرسنا أنفسنا على مر التاريخ لتطوير أمور خارجية، غالبًا ما تكون غير إنسانية: الأشياء المادية، والبنيات الاجتماعية، والأنظمة اللوجستية، والصراعات السياسية على السلطة. لقد ذهبنا إلى القمر، ولكن هل نسجل حقًا إنسانية تلك التجربة؟ لقد عاد العديد من رواد الفضاء متغيرين، مع رؤية متجددة لوجودنا المشترك. تحدث رون غاران، على سبيل المثال، عن أن البشرية تعيش ”كذبة كبيرة“ في مقطع الفيديو الذي نشره بعنوان ”ذهبت إلى الفضاء واكتشفت كذبة هائلة“.

والآن، أصبحنا بارعين في تشكيل الحاضر لدرجة أننا ربما اكتشفنا طريقة للقيام بذلك دون البشر على الإطلاق. الذكاء الاصطناعي (AI) هو آلة تتعلم ما هو غير بشري، مما يحررنا من مهام ميكانيكية لا حصر لها. لقد وصلنا إلى مرحلة يمكننا فيها تحرير أنفسنا من التكييف ”الطبيعي والمتكرر“ والدخول إلى فضاء الطاقة الحرة – فضاء الطموح العميق والمستقبل الحقيقي.

المستقبل يكمن في تحقيق قفزة في إنسانيتنا، وسحبنا نحو اتجاه مجهول كي نصبح أشخاصًا أفضل وأكثر إبداعًا وقدرة على تحويل الظروف الحالية.

ما الذي يسبب التغيير في داخلنا؟ هل الحب تجربة إنسانية فذة؟ كيف ينمي كل منا الحب، وكيف نطوره ونوسعه؟ أنا لا أتحدث عن حب الحيوانات، أو حب الأمة، أو حب المسيح، أو حب الطبيعة. أنا أتحدث عن الحب بحرف الحاء الكبير – حب الإنسانية نفسها. إليكم السؤال الحقيقي: هل أنت قادر على توسيع نطاق الحب غير المشروط الذي تكنه لأطفالك وعائلتك ليشمل بقية البشرية؟

يعتمد مستقبلنا على إجابتك. إذا كانت إجابتك بالنفي، فإن كل ما يحدث اليوم – الحروب، والعنف، والدمار الذي يستهدف نهاية التجربة الإنسانية – يبدو منطقيًا. ولكن إذا كانت إجابتك بنعم، فقد حددت للتو مستقبلك: أن تعمل على توسيع حبك غير المشروط للبشرية، وأن تطور وتغير التكييف الشخصي والاجتماعي لوضعنا الحالي، وأن تساعد في نقل مجتمعنا ما قبل التاريخ نحو أول حضارة إنسانية حقيقية. ويا صديقي، ليس هناك حياة أفضل من ذلك.

— ترجمة: ميساء عيساوي —