في الحرب لا يوجد رابحون، وأمام حرب بين الولايات المتحدة والصين كل العالم سيُهزم

من الكاتبة ميغان روسل

(7 أغسطس 2024 – الولايات المتحدة)

هذا صحيح ليس فقط بعد الأخذ بالاعتبار الخسائر الجماعية في الأرواح التي قد تسببها الحرب، ولكن أيضا بسبب سلسلة تبعات الحرب التي قد تخسف بملاين المواطنين في الدمار الاقتصادي، والتي قد تؤدي إلى تدمير البيئة ونزوح واسع النطاق وفظائع ضد حقوق الإنسان.

غالبًا ما يتم تجاهل إمكانية استخدام الأسلحة النووية باعتبارها أمر ثانوي، لكن ليس من المفترض أن يحدث ذلك. وفقًا للخبراء الصراع بين الولايات المتحدة والصين من الممكن أن يتصاعد بسهولة إلى حرب نووية، فشتاء نووي ليس بعيدًا على الإطلاق.

رئيس هيئة الأركان العامة الأمريكية، الجنرال تشارلس براون، لا يوافق على ذلك. هو قال أنه على ثقة تامة أن الولايات المتحدة ستهزِم الصين إذا اندلعت الحرب في تايوان، بالرغم من أن اللجنة لإستراتيجية الدفاع الوطني تتوقع خسائر فادحة لأمريكا. الأسبوع الماضي أعلن الجنرال: “إذا اندلعت الحرب مع الصين، كل الوطن سينخرط، وأنا متأكد أننا سنكون جاهزين في حالة التصدي لها.”

وأضاف: “أنا ألعب من أجل الانتصار”، بعد اعترافه بأن “تلك ستكون صراعات مشابهة للنزاعات التي شهدناها في الحرب العالمية الثانية، فلذلك علينا أن نكون جاهزين.” ولد الجنرال براون في عام 1962، ولا يعرف شيئا عن فظائع الحرب العالمية الثانية. بالنسبة إليه هذه الحرب تتمثل فقط في صفحات الكتب، هي مجرد لعبة، لكنها بالنسبة للآخرين ستسبب بتر الأطراف والرعب.

منذ بداية تاريخها كانت الولايات المتحدة في صراع شبه مستمر، وحروبها الأحدث تعطي رؤية واضحة للعجز الأمريكي. الشيء الوحيد نتج عن الحروب في فيتنام والعراق وأفغانستان هو انتشار الموت والدمار فقط. العنف لا ينتهي بمجرد انتهاء الحرب، ولكنه يخيم أيضا على الجماعات مثل شبح، ويؤثر بشكل سلبي على الصحة والرخاء الاقتصادي للبلدان، وكذلك يشارك في الكوارث البيئية.

بالرغم من أن حكومتنا تدفعنا نحو الحرب مع الصين منذ وقت طويل، لكننا لا نسمع في كثير من الأحيان مثل هذه الكلمات الصارخة. وجهة نظر الجنرال براون واضحة: الولايات المتحدة تستعد للحرب، وهي لن تتراجع.

هذا الأسبوع، خصص وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن 500 مليون دولار للفيليبين من أجل تعزيز قدراتها العسكرية. بينما كان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يتفاوض على اتفاق يسمح بنقل السيطرة التشغيلية الأمريكية على القوات اليابانية من أرخبيل هاواي إلى اليابان.

لا تفهموني خطأ: هذه ليست لعبة قصيرة أخرى من الألعاب الحربية البعيدة. هذا أمر جاد.

السيطرة التشغيلية على الجيش الياباني تعني أن حكومتنا ليست بحاجة إلى إرسال عدد كبير من الجنود الأمريكيين عبر المحيط الهادئ لخوض المعارك. فالولايات المتحدة ستكون لديها القيادة الكاملة والتحكم التام في الآلاف من الجنود اليابانيين، الذين يمكن استخدامهم حسب رغبتها. فعليًا، الولايات المتحدة تمارس السيطرة على الجيش الكوري الجنوبي، مما يعني أنه في حال اندلاع الحرب، يمكن وضع جميع قوات جمهورية كوريا تحت قيادة الولايات المتحدة.

وهذا ليس مجرد استراتيجية عسكرية، بل الأمر يتعلق أيضًا بالإدراك العام. فالأمريكيون يميلون إلى دعم الحرب بشكل أكبر عندما لا يخسرون أحبائهم. ربما يكون هذا هو الدرس الأهم الذي استخلصته حكومتنا من حرب فيتنام، والذي تأكد بشكل أكبر بعد حرب العراق. قد لا تكون المسيرات العسكرية والقوات الخاصة كافية في حال نشوب حرب مع الصين، ولذلك تعمل الولايات المتحدة جاهدا لتعزيز التعاون العسكري في منطقة آسيا والمحيط الهادئ..

غالبًا ما تعتمد الاستراتيجية الحربية الأمريكية على إشراك دول أخرى كحلفاء بالوكالة وتمويل قوات من دول أخرى للدفاع عن المصالح الأمريكية. يُطلق عليها “استراتيجية عسكرية”، ولكن في جوهرها تكمن مشاعر قاتمة تتجلى في تجاهل حياة مواطني الدول الأخرى. فحكومتنا لا تكترث بما يحدث للأبرياء في اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين؛ طالما أن المصالح الأمريكية محمية، فإنهم لا يترددون في ترك هؤلاء يموتون.

وفي الوقت نفسه، نمت المعارضة الداخلية في كل من كوريا الجنوبية واليابان والفلبين. تصاعدت الاحتجاجات المطالبة بإنهاء الإمبريالية الأمريكية، حيث لا يرغب الناس في أن يصبحوا وقودًا للحرب في صراع محتمل بين الولايات المتحدة والصين. فهم يدركون أن التصعيد سيؤدي إلى توريطهم في صراع ليس لهم فيه ناقة ولا جمل.

الأسبوع الماضي، خلال جلسة لجنة العلاقات الخارجية التي تناولت الحرب الاستراتيجية مع الصين (وهي الجلسة السابعة من نوعها)، أكد نائب وزير الخارجية كورت كامبيل على أهمية تحالف AUKUS (التحالف الثلاثي بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا) والتحالفات الثلاثية الأخرى في التعامل مع الصين. وقال كامبيل خلال الجلسة: “هذا لن ينتهي أبداً”، مشددًا على أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ “تتطلب أفضل القدرات البحرية والجوية بعيدة المدى، التي لم تكن الولايات المتحدة بحاجة إليها من قبل.”

لذلك، أُبرمت التحالفات، وتستمر مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب في تمويل العسكرة المفرطة في المنطقة. حتى الجنرال براون أشار إلى أنه يسرّع الجهود لتخزين الأسلحة والذخائر والإمدادات الأخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ استعدادًا للحرب المحتملة.

قبل بضعة أشهر، عززت قمة ثلاثية بين اليابان والفلبين والولايات المتحدة التحالف العسكري في المنطقة. وأكد الرئيس الأمريكي جو بايدن مجددًا على التزام الولايات المتحدة بمعاهدة الدفاع المشترك مع الفلبين، والتي تنص على أن أمريكا سترد على أي عدوان ضد تايوان. أما تحالف AUKUS، الذي أكد الجنرال كامبيل على أهميته، فهو تحالف دفاعي يجمع بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ورغم أن الصين انتقدت هذا التحالف واعتبرته تجسيدًا “لعقلية الحرب الباردة”، إلا أن هذه التحالفات الاستراتيجية تذكرنا بشكل كبير بالتحالفات التي أسهمت في إشعال الحروب العالمية خلال القرن العشرين.

في كل مكان تنظر إليه، تجد أن الحكومة الأمريكية تتحدث عن الحرب مع الصين وكأنها مسعى مبرر ولا مفر منه. لكن هذا ليس صحيحًا؛ فالحرب ليست حتمية أبداً.

ومع ذلك، ستستمر وسائل الإعلام في اتّباع سياسيينا ككلاب الحراسة، وتغذية السرد الذي يصور الحرب مع الصين كأمر حتمي، رغم أن الصين نفسها أدانت تصاعد الصراع مرارًا وتكرارًا. في هذا الوقت، يقع على عاتق المواطنين مسؤولية معارضة هذا التوجه والوقوف ضده.

حان الوقت للجمهور الأمريكي لاتخاذ موقف حازم ضد تطبيع الصراع وضد الاستعداد لحرب مع الصين. لقد حان الوقت لنقول لحكومتنا بوضوح إن الحرب مع الصين ليست فقط غير مقبولة، بل هي انتحار عالمي. نحن الآن نقف على أعتاب صراع خاسر للجميع، ولا مجال للتسويف. الآن حان وقت العمل.


ميغان روسل هي منسقة حملة “الصين ليست عدونا” التي تروجها مؤسسة كود بينك. هي تخرجت من كلية لندن للاقتصاد بدرجة الماجستير في دراسات الصراع. قبل ذلك التحقت بجامعة نيو يورك حيث درست في كلية النزاعات والثقافات والقانون الدولي. هي درست لمدة سنة في شانغهاي أيضا، ودرست اللغة الصينية لأكثر من ثمان سنوات. تركز بحوثها العلمية على التقاطع بين الشؤون الأمريكية-الصينية وبناء السلام والتنمية الدولية.

الترجمة من الإنجليزية إلى العربية: ميكيليه نيكوليتي
وتم التحرير من قبل جان دقي ويسري منوبي