انتصر حزب العمال، بقيادة كير ستارمر، في الانتخابات البرلمانية التي جرت في المملكة المتحدة في يوم 4 يوليو/تموز 2024، فحظي الحزب ب 412 من أصل 650 مقعدا في مجلس العموم، وعامة للحصول على الأغلبية يكفي 326 مقعدا. أما حزب المحافظين، بقيادة ريشي سوناك الذي قدم استقالته في اليوم التالي، حصل على 121 مقعدا فقط، وهي أسواء نتيجة في تاريخ الحزب.
لكن هذا الانتصار ليس انتصارا من قوة سياسية يسارية. أشار أحد سكان ليفيربول، وهي مدينة معروفة بالميول التقدمية، إلى أن ستارمر، المدعوم من كل وسائل الإعلام اليمنية، “هو توري (بمعنى محافظ) لابسا كرافات أحمر.”
بعد 14 عاما من حكم المحافظين، من غير المرجح أن تكون هناك تغييرات كبيرة: فحزب العمال يؤيد إسرائيل والناتو وأكرانيا، وقد التزم برفع الإنفاق العسكري، وفيما يتعلق بشؤون المهاجرين، على الرغم من أن الحزب انتقد التخطيط الرهيب المدعوم من سوناك لترحيل الطالبي اللجوء إلى رواندا، إلا أن الحكومة الجديدة تعتزم إنشاء قوة من الأمن لحماية الحدود من أجل “التعامل مع الهجرة الغيرالقانونية.”
ولكن هناك خبر جيد: رئيس حزب العمال الأسبق جيريمي كوربين، الذي كان قد أدار الحزب نحو اليسار مجتذبا انضمام ألاف الشباب الناشطين إليه، والذي كان قد تعرض لحملة تشهير مخزية اتهمته بمعاداة السامية – وهو الافتراء المعتاد المخصص لأولئك الذين ينتقدون إسرائيل ويدافعون عن الفلسطينيين – وبالتالي طُرد من الحزب، أعيد انتخابه مؤخرا كمرشح مستقل في مجمعه الانتخابي بإسلينغتون شمال لندن بعد أنه هزم مرشح حزب العمال.
وبالتأكيد لعبت شعبيته الشخصية والترسيخ المحلي القوي دورا أساسيا في انتصاره، لكن من المرجح أن ذلك يشير إلى أنه في النظام الانتخابي الفردي البريطاني ليس هناك مساحة سياسية يسارية لمشروع بديل على العمالية اللبرالية الداعية للحرب لستارمر.
وبالإضافة إلى كوربين تم انتخاب أربعة مشرحين مستقلين آخرين هزموا مرشحي حزب العمال بفضل مواقفهم المؤيدة للفلسطينيين، وهم شوكت آدم في مجمع جنوب ليستر وأيوب خان في بيرمينغهام بيري بارّ وعدنان حسين في بلاكبرن وإقبال محمد في ديوسبوري وباتلي.
بينما تصريحات كوربين لناخبيه تصل إلى القلوب:
“هذا المساء جماعتنا كتبت التاريخ.
هذه الانتخابات لا تتعلق بي أبدا، وكل هذا كان دائما من أجل جماعتنا وللقيم التي نشارك فيها. وتتعلق باقتناعنا الأبدي بأنه يوجد طريق بديل على عدم المساواة والفقر والحرب. ونتيجة هذا المساء في شمال إسلينغتون تجعلنا نرى مستقبلا مختلفا يضع مصالح الكثيرين أمام مصالح البعض. وهذا أيضا تحذيرٌ للحكومة الجديدة من أن المعارضة ليس من الممكن أن يتم سحقها بدون عواقب. وأفكار المساواة والعدالة والسلام أبدية. هذا الأمل في عالم أفضل من المستحيل إطفاؤه. هذا المساء سنحتفل وغدا سننظم أنفسنا. الطاقة التي أنتجناها لن تكون مهدورة. نحن حركة لجميع الفئات العمرية والاجتماعية والدينية. وهي حركة تستطيع أن تنتصر مع ومن أجل الأشخاص وفي جميع أنحاء البلاد. أشكر كل أولئك الذين خلقوا هذه الحملة مما يجعلها الأكثر اشتمالا بين التي شاركت فيها. أشكر كل شخص قد مارس حقه في التصويت الديمقراطي. يشرفني أن أمثّلكم يا شعب شمال إسلينغتون. سأواصل التعلم منكم وسأكون مسؤولا أمامكم ومستوحيا منكم. المستقبل الذي نتحدث عنه ليس حلما مستحيلا، جماعتنا هي الدليل على أن عالم أكثر لطفا وعدلا هو أمرٌ ممكن.”